7 دقيقة قراءة
يريفان في 10 فبراير/أرمنبريس: ننشر المقالة الجديدة لرئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان:
-كل مقومات السلام موجودة-
تركّز الدعاية الرسمية لجمهورية أذربيجان بشكل متزايد على أطروحة مفادها أن أرمينيا تتسلّح وتستعد لمهاجمة أذربيجان، وبالتالي فإن أذربيجان لديها الحق في الدفاع عن نفسها واتخاذ التدابير الوقائية.
وإذا أردنا إعادة إنتاج أطروحات الدعاية الأذربيجانية هذه بشكل أكثر إيجازاً وببساطة، فإنها كلها تتلخّص في ما يلي: أرمينيا تستعد لمهاجمة أذربيجان، ولذلك سيكون من الأفضل لأذربيجان أن تهاجم أرمينيا كإجراء وقائي. هناك روايتان لأصل هذه الأطروحات الدعائية: إما أن أذربيجان تعتقد حقاً أن أرمينيا تنوي مهاجمتها، أو أنها تنوي مهاجة أرمينيا وتحاول إيجاد الأرضية المناسبة لذلك. وفي كلتا الحالتين فإن الفرضية الأساسية هي ادّعاء أذربيجان حول نية أرمينيا مهاجمة أذربيجان.
هل تستعد أرمينيا للهجوم على أذربيجان؟يمكن لأي مراقب محايد أن يشهد بأن حكومة جمهورية أرمينيا لم تترك مجالاً للتفسير بشأن هذه القضية. لقد ذكرت مراراً وتكراراً، والآن أرى أنه من الضروري توضيح ذلك، أن جمهورية أرمينيا ملتزمة بأهداف عام 2022. الاتفاق الاستراتيجي الذي تمّ التوصل إليه في براغ في 6 أكتوبر 2018، والذي يقضي بأن تعترف أرمينيا وأذربيجان بسلامة أراضي وسيادة كل منهما على أساس إعلان ألما آتا.
وهذا يعني أن جمهورية أرمينيا تعترف بسلامة أراضي وسيادة جمهورية أذربيجان على أراضي جمهورية أذربيجان السوفييتية الاشتراكية، وتعترف جمهورية أذربيجان بسلامة أراضي وسيادة جمهورية أرمينيا على أراضي جمهورية أرمينيا السوفييتية الاشتراكية.
وقد اكتسبت هذه الأطروحة بالفعل قوة قانونية في كلتا الدولتين، حيث تمّ تسجيل إعلان ألما آتا كمبدأ أساسي لعملية ترسيم الحدود بين البلدين في "اللائحة الخاصة بالأنشطة المشتركة للجنة ترسيم الحدود الدولية وأمن الحدود بين جمهورية أرمينيا وجمهورية أذربيجان واللجنة الحكومية لترسيم الحدود الدولية بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا"، والتي صادقت عليها كلتا الدولتين.
وفي ضوء هذه الحقيقة، ذكرتُ عدة مرات أن جمهورية أرمينيا لا تطرح مشكلة إعادة حتى أكثر من 200 كيلومتر مربع من الأراضي بالوسائل العسكرية والتي تشكل جزءاً لا يتجزأ من 29743 كيلومتراً مربعاً من الأراضي ذات السيادة المعترف بها دولياً لجمهورية أرمينيا والتي تقع حالياً تحت الاحتلال الأذربيجاني، لأن اللائحة المذكورة أعلاه قد حلت بالفعل هذه القضية من حيث المبدأ وهناك فرصة حقيقية وموضوعية لحلها عملياً في عملية ترسيم الحدود.
وفي هذا السياق، أرى أنه من الضروري التأكيد على أنه بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس الجيش الأرمني، أعلنت أنه لا ينبغي استخدام جيشنا خارج الأراضي ذات السيادة المعترف بها دولياً لجمهورية أرمينيا (هذا، بطبيعة الحال لا يتعلق بمشاركة فرق حفظ السلام الأرمنية في قوات حفظ السلام الدولية).
ومن ثم فإن الأطروحات حول نية أرمينيا مهاجمة أذربيجان هي مجرد أطروحات ملفقة.
هل جمهورية أرمينيا تتسلّح؟
إن جمهورية أرمينيا تعمل على إصلاح جيشها في إطار المبدأ المذكور أعلاه، أي حماية سلامة أراضيها وسيادتها المعترف بها دولياً، بما في ذلك اعتراف أذربيجان. وعلاوة على ذلك فإن هذا حق معترف به دولياً لأي دولة والمساس به يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
هل للإصلاحات في الجيش الأرمني علاقة بأذربيجان؟ الإجابة هي نعم ولا.
لا، لأنه كما أوضحت أعلاه، ليس لدى أرمينيا أي خطة أو نية أو هدف لأي عمل عسكري ضد أذربيجان.
نعم، لأن التهديدات التي تتعرض لها أمن جمهورية أرمينيا تنشأ في أذربيجان نفسها. أولاً، على الرغم من اتفاق براغ، تصدر تصريحات من أعلى المستويات في أذربيجان مشكّكة في سلامة أراضي جمهورية أرمينيا.
وقد صيغت هذه التصريحات بشكل كامل في ما يسمى بالخطاب "أذربيجان الأرمنية"، الذي ترعاه القيادة العليا في أذربيجان، وفي الوثائق الأساسية للمنظمة التي تحمل الاسم نفسه، تمّ تسمية حوالي 60 في المئة من الأراضي ذات السيادة لجمهورية أرمينيا: "الأراضي الخاضعة حالياً لسيطرة جمهورية أرمينيا" أو "الأراضي الخاضعة حالياً لسيطرة الكيان السياسي والقانوني المسمّى بجمهورية أرمينيا".
والآن دعونا ننسّق هذا بالمحاكمة الملفّقة التي تجري في باكو وشراء أذربيجان أسلحة بمليارات الدولارات والخطاب العدواني الرسمي في باكو، وسوف يتّضح أن التهديدات الحقيقية تتولد في أذربيجان ضد أمن جمهورية أرمينيا.
الحلول:
إن الحلول لهذا الوضع مطروحة على الطاولة، وقد تمّ التوصل إليها نتيجة للعمل المشترك بين ممثلي أرمينيا وأذربيجان. أولاً، لقد حلت المواد المتّفق عليها بالفعل في معاهدة السلام بشكل أساسي مسألة عدم وجود مطالبات إقليمية ضد بعضهما البعض فحسب، بل وأيضاً عدم تقديم مثل هذه المطالبات في المستقبل. إن توقيع معاهدة السلام يغلق إلى الأبد الباب أمام كل من أرمينيا وأذربيجان لتقديم مطالبات إقليمية ضد بعضهما البعض، وهو ما كان قد أُغلق بالفعل في براغ. إن الجزء المتّفق عليه من معاهدة السلام ثقيل بما فيه الكفاية ومهيأ للتوقيع، على الرغم من أن جمهورية أرمينيا اقترحت حلولاً شاملة للمادتين غير المتّفق عليهما وتنتظر رداً إيجابياً من أذربيجان.
علاوة على ذلك، قدّمت جمهورية أرمينيا مقترحاً مكتوباً إلى أذربيجان بشأن إنشاء آليات للسيطرة المتبادلة على الأسلحة والتحقيق المشترك في الحوادث الحدودية، وتنتظر ردّاً إيجابياً من أذربيجان.
علاوة على ذلك، قدّمت جمهورية أرمينيا اقتراحاً مكتوباً إلى أذربيجان بشأن تنفيذ النقل بالسكك الحديدية من أذربيجان إلى أذربيجان ودولياً عبر أراضي أرمينيا، ومن أرمينيا إلى أرمينيا ودولياً عبر أراضي أذربيجان، وهي تنتظر ردّاً إيجابياً من أذربيجان.
تعمل لجنة ترسيم الحدود الدولية بين جمهورية أرمينيا وجمهورية أذربيجان وقضايا الأمن الحدودي ولجنة الدولة لترسيم الحدود الدولية بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا بشكل طبيعي وبنّاء.
تمّ مؤخراً عقد اجتماع بين اللجنة المشتركة بين الإدارات المعنية بأسرى الحرب والرهائن والمفقودين (مكان وجودهم غير معروف) في جمهورية أرمينيا ولجنة الدولة المعنية بأسرى الحرب والرهائن والمواطنين المفقودين في جمهورية أذربيجان.
كل هذا يعني أنه لا توجد أي شروط مسبقة للتصعيد في المنطقة، وعلاوة على ذلك، فإن جميع الشروط المسبقة للسلام قد تمّ إنشاؤها. ومن الضروري التخلي عن الإجراءات المرحلية وسياسة التصعيد المرحلي وإرساء السلام المؤسسي. وأرمينيا ليست مستعدة لذلك فحسب، بل إنها لن تتخلى عن هذا المسار.
نيكول باشينيان
-رئيس وزراء جمهورية أرمينيا-