أخبار سياسية

مبادرة السلام الأرمنية تشكل اختباراً حقيقياً للدبلوماسية والاستقرار في جنوب القوقاز-صحيفة فيما اليونانية تتطرّق بمقال موسّع لدور أرمينيا ومبادرة "مفترق طرق السلام" الأرمنية-

6 دقيقة قراءة

مبادرة السلام الأرمنية تشكل اختباراً حقيقياً للدبلوماسية والاستقرار في جنوب القوقاز-صحيفة فيما اليونانية تتطرّق بمقال موسّع لدور أرمينيا ومبادرة "مفترق طرق السلام" الأرمنية-

يريفان في 16 يونيو/أرمنبريس: نشرت صحيفة "تو فيما" اليونانية اليومية مقالاً مطولاً حول أجندة السلام التي أطلقتها الحكومة الأرمنية. وأشار كاتب المقال تيكران غلوميان، إلى أنه عندما أعلن رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان استعداد أرمينيا لطي صفحة الأعمال العدائية والتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع أذربيجان، استجاب المجتمع الدولي باهتمام مهذب دون أي تحرك يُذكر. ومع ذلك، ووفقاً لكاتب المقال، فإن هناك أكثر من مجرد اتفاق ثنائي بين البلدين المنتميين إلى الاتحاد السوفيتي السابق. ويشير كاتب المقال إلى أن "مبادرة السلام الأرمنية تُمثل اختباراً حاسماً لمستقبل الدبلوماسية والديمقراطية والاستقرار في جنوب القوقاز، وهي منطقة غالباً ما تُغفل، ولكنها قد تكون حاسمة للمصالح الاستراتيجية لأوروبا". وفي تقييمه راهنت أرمينيا بجرأة بهذا الاقتراح: يمكن للدبلوماسية أن تنجح حيث فشلت الحرب ويمكن للمظالم التاريخية، بما في ذلك الجروح العميقة التي خلّفها صراع ناغورنو كاراباغ، أن تفسح المجال لمستقبل من التعايش السلمي.
يؤكد كاتب المقال أن: "هذه ليست رؤية ساذجة، بل ضرورة استراتيجية" ويذكر أن أرمينيا وأذربيجان، منذ أكثر من ثلاثة عقود، تخوضان صراعاً يتمحور حول إقليم ناغورنو كاراباغ ذي الأغلبية الأرمنية، وأدّت حربٌ اندلعت في أوائل التسعينيات إلى سيطرة أرمينيا على المنطقة والأراضي المحيطة بها، لكن حرباً ثانية اندلعت عام 2020، وكانت أقصر وأكثر وحشيةً وتقدماً تكنولوجياً، أسفرت عن استعادة أذربيجان معظم تلك الأراضي بدعم تركي. كان وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا هشاً منذ البداية. ومنذ ذلك الحين شهدت المنطقة تغيراتٍ جذرية. فقد انعزل الاتحاد الروسي، الذي كان في السابق الضامن الأمني ​​الرئيسي للمنطقة، بسبب الحرب في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه وسّعت تركيا وإيران نفوذهما في القوقاز. ولم تستأنف أوروبا القلقة بشأن أمن الطاقة والهجرة، علاقاتها الدبلوماسية إلا مؤخراً. وفي ظل هذه الخلفية يُعدّ اقتراح رئيس الوزراء الأرمني للسلام لافتًا من حيث صياغته ومضمونه. ويستند الاقتراح إلى استعداد أرمينيا للاعتراف المتبادل بسيادة كل منهما وسلامة أراضيه كمبدأ أساسي للتعايش السلمي بين البلدين وينطوي هذا على تنازلاتٍ صعبة من الجانبين ويعكس التزام أرمينيا بمستقبلٍ قائم على القانون الدولي والحوار والاستقرار الإقليمي، كما جاء في المقال.
كما تطرّق الكاتب إلى مخاطر أجندة السلام التي اقترحتها الحكومة الأرمنية وأشار إلى أن رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان يواجه انتقادات لاذعة على الصعيد المحلي من المعارضين السياسيين وبعض شرائح الجمهور، الذين يعتبرون خطة السلام خيانة. وأشار إلى أن الصدمة الوطنية، لا سيما بعد الخسائر البشرية في حرب عام ٢٠٢٠ والتطهير العرقي للأرمن في ناغورنو كاراباغ عام ٢٠٢٣، لها جذور عميقة.
هناك مخاوف إقليمية من أن أذربيجان، التي تشجعها الانتصارات العسكرية وتدعمها أنقرة، قد تفسر تنازلات أرمينيا على أنها ضعف لا حسن نية، فتطالب بالمزيد. في الواقع، أثار الترويج لما يسمى "ممر زانكيزور" عبر منطقة سيونيك جنوب أرمينيا مخاوف بشأن الانتهاكات المحتملة لسيادة أرمينيا، كما كتب الكاتب، مضيفاً أنه على الرغم من هذه المخاطر، فإن الفوائد المحتملة قد تكون تحولية. يُشار إلى أن اتفاق سلام دائم سيسمح لأرمينيا بفتح طرق التجارة وجذب الاستثمار الأجنبي وتسريع تطورها الديمقراطي. كما سيضع جنوب القوقاز كممر موثوق للاتصالات بين الشرق والغرب وهي أولوية في استراتيجية "البوابات العالمية" للاتحاد الأوروبي، التي تسعى إلى إيجاد بدائل للطرق الصينية والروسية. في سياق ما سبق يؤكد كاتب المقال أن أوروبا لا يمكنها أن تتحمل دور المتفرج. قد يبدو جنوب القوقاز بعيداً، لكنه خط المواجهة في الصراع بين المقاومة الديمقراطية والتوسع الاستبدادي. أرمينيا فريدة من نوعها بين جيرانها في تبنيها الإصلاحات الديمقراطية والشفافية وتعزيز المجتمع المدني، في الوقت الذي تواجه فيه تهديدات أمنية وجودية. لن يؤدي اتفاق السلام إلى استقرار حدود متقلبة فحسب، بل سيرسل أيضاً إشارة قوية بأن الدبلوماسية، حتى في النزاعات العرقية المعقدة، لا تزال ممكنة. كان دور الاتحاد الأوروبي في تسهيل المفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان جديراً بالثناء، ولكنه محدود. الآن هو الوقت المناسب لبروكسل لتعميق مشاركتها، ليس فقط من خلال منصات الحوار، ولكن أيضاً من خلال الدعم الحقيقي، ومن خلال بعثات مراقبة الحدود وحزم الاستثمار والشراكات بين المجتمعات المدنية. علاوة على ذلك يجب على أوروبا الدفاع بشكل قاطع عن سيادة أرمينيا ويجب مواجهة الدعوات إلى ممر يتجاوز السيطرة الأرمنية بمقاومة دبلوماسية شديدة. يجب ألا يُفرض السلام، بل يجب أن يُبنى على الاعتراف المتبادل والمساواة في الكرامة، كما جاء في المقال.
ووفقاً للكاتب، فإن هذه اللحظة مختلفة ليس فقط من الناحية الجيوسياسية، ولكن أيضاً من حيث التغيير الجيلي. في تقييمه يُعرب الجيل الشاب في جميع أنحاء أرمينيا عن خيبة أمله من الحروب التي لا تنتهي والعزلة الأيديولوجية: "إنهم يريدون السلام ليس فقط كغياب للصراع، بل أيضاً كأساس للفرص: فرص العمل والتنقل والابتكار والتواصل مع العالم. هذا التحول ليس حكراً على أرمينيا. من تبليسي إلى كييف ومن يريفان إلى كيشيناو، يرفض جيل جديد جبرية الماضي. إنهم يطالبون القادة باتخاذ خطوات جريئة ومسؤولة نحو التكامل، لا التفكك، وعرض السلام، مهما كان ناقصاً، هو إحدى هذه الخطوات"، كتب المؤلف.
 في ختام المقال، يُشير المؤلف إلى أن عرض السلام الذي قدمه رئيس الوزراء الأرمني ليس مجرد مناورة سياسية وحسب رأيه، فهو اختبار لإرادة أرمينيا وأذربيجان والمجتمع الدولي ويختتم المؤلف: "هل سنختار مستقبلاً قائماً على التعاون والحوار، أم سنعود إلى دوامة الحرب والانتقام؟ التاريخ يُراقب وكذلك شباب المنطقة، الذين تعتمد حياتهم على الخيارات المُتخذة اليوم".

AREMNPRESS

أرمينيا، يريفان، رمز بريدي ٠٠٠١، شارع أبوفيان ٩

+374 10 539818
[email protected]
fbtelegramyoutubexinstagramtiktokdzenspotify

يجب الحصول على إذن كتابي من وكالة أرمنبريس لإعادة إنتاج أي مادة كلياً أو جزئياً

© 2025 ARMENPRESS

الموقع من تصميم MATEMAT