التوقيت في يريفان 11:07,   25 أبريل 2024

المقالة الرائعة لمراسلة أرمنبريس فارفارا هايرابيتبان عن تسلقها لجبل آرارات- من آرارات يشبه البزوغ يوم عيد الميلاد، تلك القمة هي ذروة إيماننا التي لا يمكن اختراقها، صور-

المقالة الرائعة لمراسلة أرمنبريس فارفارا هايرابيتبان عن تسلقها لجبل آرارات- من آرارات يشبه البزوغ يوم 
عيد الميلاد، تلك القمة هي ذروة إيماننا التي لا يمكن اختراقها، صور-

يريفان في 4 يوليو/أرمنبريس:  صعدت مراسلة القسم الرياضي لوكالة الأنباء الأرمينية-الرسمية للأنباء أرمنبريس مع بعثة كبيرة قمة جبل آرارات في 18 يوليو. وفي كتابة عن الرحلة تقدم فارفارا هايرابيتبان المشاعر والصعوبات وفرحة الوصول للقمة بشكل رائع، نقدّم الكتابة: 
"في واقع عملي بدأ كل شيء في وقت أبكر بكثير من نصف سنة أو سنة. بدأ كل شيء في يناير 1992- عندما وقّفت رصاصة القناص في حرب آرتساخ قلب أبي، كان شخصاً بسيطاً ومباشراً وصادقاً-طيب القلب. هذا مل أسمع عنه كثيراً لأن الله لم يرد أن تتاح لنا فرصة رؤية بعضنا البعض مرة واحدة على الأقل. عندما ولدت كان آرتساخ في مركز الاهتمام وكان تحرير آرتساخ من أذربيجان من أولويات أبي وكانت أمي مكرسة لهذا العمل كلياً. بعد ستة أشهر من ولادتي أخذه الله بعيداً، تاركة شخصي وحيدة وبقصص عنه.
كان لوالدي حلم كبير(من الأحلام التي كان يجب الذهاب لتحقيها)، لكن الزمن لم يساعده للوصول إلى قمة آرارات. نحن نراقب آرارات منذ سنوات وهو يملأ روحنا، لكن القلائل الذين استطاعوا الصعود غلى القمة، أنا فعلت هذا من أجل ذكرى والدي. ولم تهم مدى صعوبة الإعداد لذلك،  كان هناك شيء واحد يجول في رأسي: إذا كنت تريد شيئاً تفعل ذلك.

كانت ليلة عادية في يريفان في 14 يوليو بالنسبة لسكان العاصمة، ولكن ليس بالنسبة لنا-ال16 شخص الذي كان متواعداً في "ليلة الليلات". حتى أن البعض منا قد وصل في ساعة مبكرة ... والبعض الآخر لم ينم حتى لبعض ثوان، وطوال أشهر وأسابيع انتظرنا الوقت الذي سنذهب فيه إلى أرمينيا الغربية، حيث كان آرارات ينتظرنا. اعترف العديد من مجموعتنا أنهم "تحدثوا مع آرارات" عندما نظروا إلى القمة.
كنا ذاهبين وراء الحلم وكان يتراءى لنا للحظة بأنه غير واقعي، ولكن عندما وضعنا أحجيتنا وجلسنا في مكاننا وتحركت السيارة بدا "الحلم غير الواقعي" أكثر وضوحاً.

من أرمينيا إلى جورجيا من ثمّ إلى تركيا. مررنا يجميع حرس الحدود ومررنا بجميع الشيكات والحواجز. قبل أن نصل إلى بيازيت ورأينا مدينة آني، لم تكن هنالك كنيسة واحدة في "عاصمة ألف كنيسة وكنيسة" ولم نراها. كانت هنالك هياكل مهدّمة ولم تكن بالنسبة لي تشكّل كنيسة. كان هنالك أطفال أتراك يتحدثون باستمرار ويأخذون الصور. لم تكن هي آني التي سمعت عنها من أهلي وهم أيضاً من أجدادهم. كانت أطلال ممتدة على الحدود بين أرمينيا وتركيا والشيء الغريب والمثير هو أنّك ترى علم أرمينيا على الجانب الآخر من الحدود وتعلم أن هذه أرضك التي تقف عليها هي لك، ولكنك أنت ضيف وسوف تتأمل ثمّ تغادر وتذهب.

وصلنا إلى بايازيد في وقت متأخر من الليل وبعد أن أخذنا غرفنا في الفندق أتيحت لنا الفرصة للمشي بالمدينة، كانت مدينة شرقية نموذجية يعيش فيها بالأغلب الأكراد. مدينة قروية حيث يكسب السكان لقمة عيشهم من التجارة.
في صباح اليوم التالي ذهبنا إلى آرارات التوراتية، والتي بالمناسبة وعلى عكس الجانب الآخر أو من جانب تركيا(كما تسمى) ليس عالياً ونبيلاً ، فخوراً وعزيزاً. إنه أكثر برودة ومرير "أرغي". هذا هو بالضبط ما يدعوه الأتراك لآرارات، "أرغي داغ" (جبل آرارات). للوهلة الأولى لم يبدو آرارات طيباً بل صارم ومتطلب ويبدو كما لو أن ليس كل شخص يمكنه الوصول إلى القمة.

وصلنا إلى ارتفاع 2200 متر وبدأنا الصعود. عندما بدأنا المشي كان الطقس مفتوحاً، ولكن الغيوم التي كانت ستعود بالتأكيد ستسبب مشكلة. مشينا لعدة ساعات وخلالها تمطرنا قليلاً، بعدها أشرقت الشمس.
المعسكر الأول من آرارات هو على ارتفاع 3366 متر. ليس صخري جداً ولكن أيضاً بدون مروج. وبمجرد وصول المجموعة بدأ الجزء الرئيسي منا في تنصيب الخيام وكان الجزء الآخر يحاول التكيف مع المنطقة؟ أنا صوّرت كل شيء. نصبنا الخيام، التي كانت ثمانية وبقينا في كل واحدة شخصين. كان حظي في هذه القضية وافراً حيث بتّ مع أحد أفضل الأشخاص في الخيمة وإضافة إلى ذلك كان طبيباً. جاء الطابور أيضاً لتناول الطعام ... في خيمة صغيرة حيث جلس 16 شخصاً مع بعض، ولكن البرد قد أتى بالفعل ولم نكن ضدّ الحرارة القادمة من بعضنا البعض. ما سنتناوله؟ الأكراد، الذين كانوا مسؤولين عن هذا المعسكر، ذبحوا لنا خاروفاً، إلى جانب وجود الطماطم والخيار والحساء الساخن. كان الطعام غير عادي، ولكننا أكلنا دون أن نرف جفننا، لأننا كنا متعبين للغاية وعرفنا أنه كان علينا جمع القوة لليوم التالي. أصعب شيء هو التكيف مع النوم في الخيمة. تنام في حقيبة للنوم، حسناً تعال وحاول النوم. تبرم  إلى اليمين واليسار وتحاول التكيف ولكن لا تجد وضع النوم الخاص بك. لا أتذكر حتى كيف نمت، لكنني أذكر أنه في الليل سمعت صوت رياح قوية وصوت المطر يسقط كالفيضان. في الصباح لم يكن هناك أي أثر لهذا المطر واحتفلت باليوم الأكثر غرابة والأكثر إمتاعاً لعيد ميلادي. ليس كل البشر محظوظون بما فيه الكفاية ليكونوا على سفح جبل آرارات بعيد ميلادهم. وعلاوة على ذلك قدّم أعضاء المجموعة هدية مفاجأة لي.

معنا الخيام وعدّتنا ذهبنا إلى المعسكر الثاني. كان الصباح لا يحذّر بشيء، لكن ما كنا نتوقعه هذه الانتفاضة في الطقس، من 3366 متر إلى 4150 متر تسلّقنا تحت المطر الرهيب والرياح لم تتوقف عند هذا الحد. عندما وصلنا إلى المعسكر الثاني كنا بالفعل مبللين، ثم اتضح أن الخيول التي كان عليها إحضار أمتعتنا لم تصل إلى المعسكر الثاني بعد. كان علينا أن ننتظر ونحتمي تحت الخيم أينما تنتفخ ...
من المعسكر الثاني كان مرئياً بالفعل قمة جبل آرارات وكان هناك انطباع بأنها كانت قريبة جداً بما يكفي لوصولها، لكن ليس كذلك. أتت الخيول وكان علينا أن ننصب خيمنا مرة أخرى، كانت توجد أحجار ضخمة في كل مكان ومع ذلك وجد كل واحد منّا زاوية بالنسبة له وذهبنا لتناول الطعام وكما كان مخططاً كان علينا النوم مبكرّاً  لأنه في الصباح الباكر كان لدينا طريقاً طويلاً للصعود.

عندما يكون البرد والرياح في عظامك، لا يمكنك حتى الاستلقاء. في مكان النوم كان البرد شديداً لدرجة أنه لم يكن بإمكانك تحريك كفوف قدميك، كان عليك تدفئة اليدين حتى يرتفع دوران الدم قليلاً، ومن ثمّ على الأقل تكون قادراً على النوم قليلاً. ولكن في ذلك الوقت كان يجب ارتداء الملابس التي أوتيت من الترتيب الأولي في لصعود القمة. ترتديها وتسترخ وتحلم بما لا يقل عن 30 دقيقة بالنوم، لكن لا، لا يمكنك النوم وخلاصك الوحيد أو مصدر الحرارة الوحيدة في الخيمة هي خلفية "غرفتك"، التي تصبح قيمتها قيمة ذهب العالم.
كان علينا تسلّق التل في منتصف الليل، ولكن تم تأجيله بسبب الأحوال الجوية إلى فترة ما بعد الظهر. بعد ظهر يوم 17 يوليو بدأنا الصعود. كانت الظروف الجوية سيئة للغاية وكانت نفس العاصفة التي نراها عادة على متسلقي الجبال في أفلام هوليوود. وعندما كنا على ارتفاع 200 متر كان علينا النزول للأسفل، وإلا فإننا قد فد نعرض حياة جميع أعضاء المجموعة للخطر. كنا محبطين، حتى أن معنويات البعض تكسّرت. كان هناك قول مأثور أن البعض لا يريد أن يصعد في محاولة ثانية. لكن من المستحيل أن تصبح أرمني وتأتي إلى آرارات ولا تصعد حتى القمة ... بعض أعضاء المجموعة كانت لديها إرادة عظيمة للمحاولة في مرة أخرى رغم الدوخة الناجمة عن تقلبات ضغط الهواء. كنا نعلم أن الأمر لن يكون سهلاً، لكننا كنا نعرف أيضاً أننا سنقف بجانب بعضنا البعض في أي وقت. هذا ما أعطانا القوة من المحاولة الثانية للوصول إلى قمة آرارات ...

استغرق الأمر حوالي 2-3 ساعات بعد منتصف الليل لمواصلة الصعود في الساعة 3. وكل واحد منا استيقظ في تلك الساعة وكان أول شيء يفعله النظر من الخيمة والتحقق من أحوال الطقس. كانت السماء مفتوحة، كما في اليوم الأول من الخلق وكنا ننظر إلى القمة على أنها حجر ثمين تدعونا.
إنطلقنا في الساعة الثالثة من الصباح ومشينا ببطء وثقة إلى القمة، كان شروق الشمس من آرارات مثل عيد الميلاد في الصباح، مليئة بالضوء والأمل والإيمان. كانت للسماء الأفقية ابتسامة كبيرة بدت مفقودة بالنسبة لنا، ومع ذلك بدا أن كل شيء أكثر صعوبة، صعباً لا يمكن التغلب عليه، لأنك كنت معرضاً بشدة للطبيعة، عندما الهواء الذي تتنفسه بغذّي الدماغ ببطء. كنا سنفعل كل ما بوسعنا لبذل كل جهد، لكننا توقفنا ... للحظات قليلة لتناول الغداء وكانت يستحق ذلك قرناً من الزمن.
بفضل المعاناة والمثابرة والروح التي لا تقهر في الساعة 8:45 صباحاً تم فتح باب أحلامنا. كان الأمر صعباً، لأن القمة بالنسبة لمجموعتنا لم تكن فقط قمة آرارات فحسب، بل كانت أيضاً إلبروس، كليمنجارو ، وكل قمم العالم ... تلك القمة كانت ذروة إيماننا التي لا يمكن اختراقها. وفي وقت الذروة كان من الواضح أن شيئاً لن يكون هو نفسه أبداً كما كان، كل شيء جديد، مثل ثلج آرارات والإرادة التي أدت بنا إلى القمة سوف ترافقنا طوال حياتنا.

30 دقيقة بقينا في القمة، تمكّنا من التصوير عدة مرات ورفرفة العلم المجيد لأرمينيا، حتى غرسنا زجاجة براندي "آرارات" الأرمنية في الثلج، والتي ينبغي فتحها في مناسبة استثنائية. كانت الذروة مفتوحة وكنا تنظر إليها بوضوح ونرى منها جبل آراكاتس بقممها ال4 ووادي آرارات الزاهر. كانت أرمينيا تحت أقدامنا وكانت هذه الدقائق الـ30 ذات قيمة أبدية بالنسبة لنا وهي مرت وكأنها لحظة.
كان علينا أن ننزل، لأننا كنا مضطرين إلى النزول من الجبل بأكمله في غضون يوم عوضاً من ثلاثة أيام صعود. لكنني لم أتوقف لأننا وصلنا إلى قمة جبل آرارات بالرغم من أن الإرهاق والسير الطويل كانا يخبرانا بأنهما موجودين والطريق المؤدي إلى السفح كان يخيل بأنه بلا نهاية ...
في منتصف الليل وصلنا إلى بايازيد ونمت في فراش دافئ ومريح ومن تلك اللحظة لم يغب آرارات وكل شيء أصبح مرتبط به.
الآن عندما ننظر إلى آرارات نرى أنفسنا، نرى الإرادة المنتصرة ونرى عدم هزيمة الجنس البشري في اللمعان اللامتناهي للقميتن. الآن عندما ننظر إليه نرى الكثير من خبرة الحياة ونرى الحب.
إحلموا بعظمة، إحلموا للأبد، إحلموا  بقوة، إحلموا بجمال، حلماً بعد حلم... قمة 5165 متر.

الواصلة إلى قمة جبل آرارات فارفارا هايرابيتبان








youtube

AIM banner Website Ad Banner.jpg (235 KB)

كلّ المستجدّات    


Digital-Card---250x295.jpg (26 KB)

12.png (9 KB)

عن الوكالة

العنوان: أرمينيا،200، يريفان شارع ساريان 22، أرمنبريس
هاتف:+374 11 539818
بريد الكتروني :[email protected]